الاثنين، يناير ٢٩، ٢٠٠٧

ضربونا الأشقاء

وعلي غرار المسلسل الكلاسيكي المصري "الاخوة الأعداء" بامكان تفسير الأمر برمته
فالاخوة هم العرب والأعداء هم العرب أيضاً
تعتبر شريحة كبيرة من العالم الرياضة طريقة لاعادة العلاقة بين الدول وبعضها البعض
وقد اعتبر كثيرون مبارة تنس الطاولة بين المنتخبين الأمريكي والصيني منذ سنوات طريقة لاعادة العلاقات من جديد بين الجانبين أما بالنسبة لنا كعرب فالأمر لابد وأن يختلف
التوتر في الملاعب علي المستوي الجماهيري أو علي مستوي اللاعبيين أصبح أمراً عادياً
فالفرق العربية تلتقي في المباريات العربية العربية وكأنها تدخل معارك حربية لتحقيق انتصار سيخلده التاريخ
يبدأ الاعلام بعمليات الشحن الاعلامية الهائلة للجماهير داعينهم للحضور والتشجيع والثأر فتتحول المواجهات العربية دوماً وتبعاً لذلك الي مواجهات انتقامية مريضة وكأن الفائز فيها سيحق له احتلال أرض الأخر!
ونفس هذه الفرق تكون كالملائكة أدباً وسلوكاً والتزاماً وتحضراً لو كان اللقاء مع فريق أوربي ولو حدث وأن طرد الحكم الفريق العربي كله كما قال الكاتب المصري السيد البابلي!
عاد المنتخب المصري الي مطار القاهرة قادماً من البطولة العربية في ليبيا مصاباً أو علي مقاعد متحركة
في المباراة النهائية في بطولة العرب للكرة الخماسية بين الفريق المصري متصدر المجموعة والفريق الليبي المتأخر عن الفريق المصري بنقطتين كان يكفي المنتخب المصري التعادل ليتوج بطلاً للبطولة
لكن ما حدث أن الشوط الأول للمباراة مر بسلام وتعادل ، وفي بداية الشوط الثاني تعرض الفريق المصري لبلطجة من قبل الفريق الشقيق المنافس!
دخل اللاعب الليبي ناجي التومي بعصي حديدية غرفة خلع الملابس الخاصة بالمنتخب المصري فضرب اللاعب أحمد شعبان علي رأسه مسبباً له ارتجاج في المخ ومعيداً اياه الي بلاده علي كرسي متحرك!
سرعان ما تحول الأمر من مبادرة لاعب بالبلطجة الي مشاركة من قبل باقي أعضاء الفريق وبعض جماهيره العربية الشقيقة!
خرج المنتخب المصري بلاعبيه ال 17 معتدي عليهم اعتداء غير منطقي وغير مبرر .. كل من اللاعبيين أحمد شعبان ووائل أبو القمصان تعرضوا لارتجاج في المخ وعمرو الملاح أصيب هو الأخر بكدمات خطيرة .. وباقي اللاعبيين مصابين!
الأغرب أن أعضاء البعثة المصرية هرولوا الي الحكم التونسي مطالبين اياه بالتدخل ودخول غرفة خلع الملابس لمشاهدة الاعتداء الحادث علي اللاعبين فرفض واعتبر المنتخب المصري منسحبا ًوبالتالي فالمنتخب الليبي هو الفائز برصيد 2- صفر وبالتالي توجه بطلاً للبطولة!
انسحب الفريق المصري ولم يجد سيارة اسعاف تسعفه!
مبروك للفريق الليبي الشقيق
!!!!!
في سياق متصل سارعت لجنة الكرة الخماسية باتحاد الكرة بالاتفاق مع اتحاد الكرة بتوفير الرعاية الصحية لافراد الفريق والتقليل من الآثار السيئة لما حدث.وفي مصر سارع أهالي لاعبي المنتخب المصري بالزحف الي مطار القاهرة للاطمئنان علي أبنائهم مطالبيين الجميع بتوفير الحماية للمنتخبات المصرية في لعبها مع البلدان العربية
!!!!!
الأمر تكرر من قبل في ليبيا أيضاً علي مستوي الفرق ومع فريق الزمالك المصري ليقدم المسئوليين الليبيين حينها اعتذار رسمي
!!!!!
وفي تصفيات كرة القدم المؤهلة الي كأس العالم قبل بضعة سنوات كان الفريق المصري يلاعب المنتخب الجزائري والكاميرون تلاعب السنغال ان لم تخني الذاكرة
وكانت احتمالات التأهل الي كأس العالم موزعة علي كل من مصر والكاميرون والسنغال الا أن مصر وفي مبارتها أمام الجزائر والمتزامنة مع مباراة الكاميرون والسنغال تعرضت لأحداث شغب من الجماهير الجزائرية استدعت توقف المباراة نحو ثلث ساعة ثم تم استكمالها في جو متوتر لتضيع فرصة تأهل مصر حينها.انتهت المباراة وتمكن المنتخب العربي من عرقلة نظيره العربي في طريقه ممهداً المجال للفريق الافريقي ..وقد استغربت الصحافة الاماراتية ذلك حينها
وفي أثناء عودة الفريق المصري في شوارع الجزائر تعرض للاعتداء مجدداً بيد الجماهير العربية فكسروا حافلته وأصابوا بعض لاعبيه
مبروك للفريق السنغالي
!!!!!
الكبار قد يلاحظون ويتذكرون أن الفرق المصرية وفي زمن القطيعة بعد معاهدة كامب ديفيد كان اللعب معها مشحوناً وله شكل أخر قبل المعاهدة
بل اني قرأت لأحدهم في احدي المنتديات وقبل شهور من يثني علي المملكة العربية السعودية من كونها لم تمنع المصريين من الحجيج الي بيت الله الحرام بعد المعاهدة
ألم يوقع السادات المعاهدة؟
!!!!!
في مباراة كرة القدم بين فريق الأهلي المصري واتحاد جدة السعودي الخاصة بكأس الأندية أبطال القارات لم تشهد
المباراة أحداث شغب ونحمد الله علي ذلك.. لكني فوجئت بصراخ المعلق السعودي وتهليله بصورة أذكر جيداً أنها جعلتني أنتفض من مكاني يومها وبعد انتهاء المباراة بفوز اتحاد جدة
وكأن جيوش المسلمين فتحت عكا واسترجعتها من أيدي الصليبيين
!!!!!
ما السبب في كل ذلك؟
أصبحنا أكثر عنترية وقبلية مما كان العرب عليه قبل بعثة رسول الله!
أصبحت البلدان العربية وليست مصر
وحدها تبعاً لذلك تواجه ارهاباً وضغوطاً هائلة بينها وبين بعضها قد تصل الي الضرب كما حدث في ليبيا!
هو أمر طبيعي في ظل حالة التخبط والضياع التي يمر بها العقل العربي المتأزم
اختلطت عليه الأمور فلم يعد يعرف أبسط الأسئلة "من هو؟"
مرة نهاجم الاقليمية ومرة نهاجم القومية العربية متعللين بأن الأصح هو الاسلام
والواقع أننا لا نتصرف بتلقاء أننا عرب أو أننا مسلمون!
اليوم نحن مع ايران وغداً ضدها .. اليوم نحن نعتبر صدام شهيداً وأمس نلعنه .. اليوم نحن مع أمريكا ونطالبها بالبقاء في العراق بل وضرب ايران أيضاً وأمس كنا نتعجل خروجهم ونسعد باقتراب وصول قنبلة نووية اسلامية جديدة الي الساحة
!!!!!
دمتم
!!!

الأربعاء، أكتوبر ٠٤، ٢٠٠٦

لُبنان الضعيفة المهتزة


حماستنا وحزننا لما يحدث للبنان جعلتنا ننسي التذكرة بأخطاء لبنان الأزلية
منذ حوالي خمسون عاما اجتمع العرب في أول مؤتمر قمة عربي لاتخاذ موقف موحد تجاه اسرائيل منعا لها من تحويل مياه نهر الأردن وتقرر يومها تكوين رئاسة موحدة للجيوش العربية بقيادة الفريق علي علي عامر وتحديد مواقع المعسكرات علي الحدود المحيطة باسرائيل ليعترض ممثل لبنان وقتها علي اقامة معسكرات علي أرضه بحجة أن بلده تربطه باسرائيل معاهدة عدم اعتداء
وأمام الاصرار اللبناني علي موقفه تهاوي المشروع
لبنان طوال عمره يخطئ خطأ واحد مستمر عليه ولا يتعلم من آثاره أبدا
لبنان دون موقف واضح أو سياسة واحدة تملأ فراغ دولته فهو وقع معاهدة مع اسرائيل وعرقل مشروع محاربة اسرائيل قديما وكان موطئ قدم للناصرية ووهج نور للقومية العربية ثم لحزب الله والنفوذ الايراني وقبله السوري ومحاولات لايجاد نفوذ سعودي فيه منذ سنوات عدة
لم يؤسس لبلاده جيش حقيقي بامكانه مجابهة فرقة اسرائيلية واحدة مدرعة مع أنه ذاق مرارة الغزولبنان لازال يتحفنا يوميا بعجب العجاب في تخبط المواقف
حينما بدأت معارك حزب الله مباشرة طالبت جماعة 14 آذار(مارس) بنزع سلاح الحزب فورا وهو ما دعي حسن نصر الله في تسجيله الي الحديث عن الأخلاقيات الواجبة
وحينما تحدث وزير الدفاع الاسرائيلي عن ضرورة تهيئة الظروف لعودة سوريا الي المفاوضات في بادرة غير متوقعة وطيبة من حقنا جميعا أن نسعد بها لاخوتنا السوريين خاصة أن الاسرائيليين والأمريكيين طالما رفضوا الجلوس معها علي طاولة واحدة من قبل ولو بالوساطة المصرية شكل كل من وليد جنبلاط وسعد الحريري تحالفهم ضد سوريا ودون أن يقابل سعد الحريري وأمثاله استقبال سوريا لنحو 107 ألف نازح لبناني أثناء الحرب ورعايتها لهم بالشكر تحدثوا عن استفادة سوريا من دماء اللبنانيين والتسبب في مذابح قانا والتقتيل في لبنان وفلسطين والعراق وسرقة النصر من اللبنانيين!!!
ومثل تلك المزايدة الرخيصة جعلت الرئيس الشاب بشار الأسد يخطئ هوالأخر ليخرج منفعلا ويطلق بيان قوي عن أنصاف الرجال
وفي الوقت الذي خرج فيه سعد الحريري مهاجما لحزب الله أداة سوريا علي قوله خرجت بهية الحريري عمته وعضو مجلس النواب اللبناني علي قائمة المستقبل نفس القائمة التي يتزعمها الأول لتعلن"أني وباسم أهالي صيدا أعلن أننا جميعا مع سماحة السيد حسن نصر الله، سندافع عن وحدة لبنان ونحمي مقاومته" وفي الوقت الذي كنا نري فيه تهلل أسارير حسن نصر الله بتصريحاته رأينا الدموع في عيون فؤاد السنيورة
وحينما رأينا أصوات تتحدث عن النصر رأينا ما يفسره أخرون بتدمير شامل واعادة احتلال لجنوب لبنان
الكثير من المتابعيين وبسبب كل ذلك أصبحت تختلط عليهم الأوراق وكل منهم يختلف مع الأخر في من يصدق ومن يعتقد أن له مكاسب وفوائد من تصريحاته أومواقفه المخالفة
في السبعينات والستينات كانوا يقولوا علي لبنان البلد العربي الأكثر انفتاحا وكانوا يقولوا "بامكانك في لبنان تلمس جميع الأطياف والوقوف علي أخر توجهاتها اذا ما هبطت لميدان لبنان وابتعت بعضا من الجرائد.. اذ أنها ملعب الصحفيين وضباط المخابرات والعملاء من كل لون"
لبنان لن تهدأ الا اذا امتلأ الفراغ فيها بمن يمتلك في كلتا يديه الشعب وقوة جيش حقيقية
وقتها فقط لن نستمع الي أصوات وأصداء أصوات لدمي كل منها ينفخ في النيران لأجل مصالح شخصية غير عابئ بمصلحة ذلك البلد .. ووقتها أيضا لن نجد حركات أو أحزاب لدول داخل الدولة

الأحد، سبتمبر ٢٤، ٢٠٠٦

البحث عن الطهارة في سوق الدعارة

كنت نائما في الغيوم العالية
كلما تكاثفت وثقلت بالماء كانت أعضائي تتكامل
تتلاحم خيوط جسدي وتنتظم وتتجاور في شكل مصفوف
بيد البخار الشفاف والماء الرقراق كان تكويني
فاذا ما امتلأت الغيوم وتفتقت عباءتها وتبددت في نسيمها من خيوط المطر وحبات البرد
اغتسلت بنقاء الشفافية وبماء الصفاء
جففتني بقايا الرياح الممزقة
وأفرد لي سحابها سردابا وممرا الي الأرض
مع قطرات المطر المنهمرة فردت أجنحتي الشفافة وأخذت سبيلي معها
كعادتي اعتدت علي أن أغسل الجبرية بالحرية .. أزيل الكذب والتزييف لأعرض الحقيقة كما لم يعتد مشاهدتها بني البشر
وبدأت التجربة
***
دخلت عليهم جميلة رشيقة متأنقة مفعمة بالحيوية والنشاط .. تضع أجمل الألوان لتزين بها وجهها وجسدها
تفوح من ثناياها ونحورها أجمل العطور الباريسية وأقواها
أغراهم جمالها .. وشجعهم برائتها ونقاء سريرتها
نظروا اليها نظرة ذئاب جائعة
خطت خطوة صغيرة الي الخلف ومالت بجزعها الضئيل ملتفة حول نفسها
حارت عيناها الجميلتان في السهام المصوبة نحوها .. وارتسم الاستفهام بين عينيها
سال اللعاب علي شدق كل من يحوم حولها
ونظروا الي بعضهم البعض نظرة مفهومة
لم يعطوها الفرصة لطرح الاستفهام وبادروا بالاجابة .. دنت منها حركة أخيرة
كحركة غريق يتشبث بالمياه من المياه
قفزوا عليها يجردوها من نقائها .. وأسكبوا عليها من خبثهم
هتكوا عرضها .. وأفسدوا صدقها .. ألجموها فلم يعد لها صوت
طلبت منهم في البداية أن يحترموا صدقها وطهارتها
فلا شئ لديها غيره .. فلم تجد مكترثا
وتوسلت لهم فيما بعد أن يرحموا عذريتها فلم تجد أيضا مصغيا
استسلمت مضطرة بين أياديهم المكبلة لها .. وتمنت لو أعطوها الحرية بعد انتهائهم منها
لكن حتي ما أملته لم يتحقق
فما أن فرغوا منها حتي أهدروا دمائها .. وأباحوها
أسقطوا عليها سكاكينهم تبقر بطنها وتشج جسدها وتسيل دمائها
سالت علي أسطح المكاتب والمظاريف المغلقة
وفشلت التجربة
***
لي من الأولاد ومشاكل الدنيا ما يؤرقني
وعليًّ من الديون ما يحني كاهلي ويلوي له ظهري
اغتربت في بلاد المسلمين فضاع حقي وسرق قوتي
عدت لبلدي فعملت وكدحت وأخلصت ففصلت وأُهنت وسُجنت
ذهبت له لعله ينشر أمري وصحيح خبري ويلملم لي بعضا من حقي
فتح لي درج مكتبه وأشار الي كومة من المظاريف المغلقة
وما في المظاريف المغلقة الا رزما نقدية
فيال تعاستي ويال حظ بلدي .. لقد فشلت التجربة
***
كان سامي في أخلاقه .. رفيع في مبادئه
ارتقي سلم الطهارة ليقف فوق ذات السحابة العالية
له أفكار طموحة ومبادئ وآمال شباب جامحة
يحكم دينه ويستفتي ضميره وحينما وصل الي الصف الأمامي سرعان ما قذف بكل أخلاقياته ومبادئه من فوق السحابة
لقد فشلت التجربة
***
كان يحسب علي المشايخ
أرائه شجاعة وجريئة يخشاها الجميع
ما أن هبت عليه هبائب الدولارات حتي سحبته من صومعته الي مكتب فاخر ومنصب رفيع
وفي درج ذاك المكتب، وضع ضميره وشجاعته مغلقا عليهم باحكام ومحولا نفسه الي مهرج يضحك الجميع علي أرائه في كل شاردة وواردة
لقد فشلت التجربة
***
يخبروني أنه فنان صادق
يرسم ما يحب ويكتب ما يريد
أنا ذاهب اليه .. أتوق لرؤياه والتعرف علي ألوانه
أشاهد لوحاته وأقرأ مخطوطاته .. دون حذف وتعديل .. دون شطب وتحرير
دخلت مرسمه فوجدت الألوان يمنةً ويسارا
لا
ليست ما أبغي
لم أجد ضالتي بعد
ذهبت اليه وقد وجدته منكب علي لوحة من لوحاته
هالني هِرَمه
سألته طالبا اللون الأبيض .. لون النقاء والصفاء .. لون الحقيقة دون تداخلات وتدخلات
نظر لي وقد بدا عليه العجب
عاد برأسه الي الخلف ورفع منظاره السميك أعلي أرنبة أنفه ممعنا النظر .. محاولا سبر الفراغ للوصول الي جسدي أو ضباب جسدي ليحادثه
فيسألني أي درجة من درجات الأبيض تريد؟
رفعت حاجباي ونظرت له نظرة ملؤها التساؤل
وهل للأبيض درجات؟
أجاب ساخرا "بالطبع"
"لكل واقع في حياتنا درجات .. ولكل أمر نسبية .. فلا حقيقة مطلقة ولا لون مطلق دون تداخلات"
أردف ذلك وأعطاني في يدي حفنة لا تقدر من الأنابيب تحمل المعجون الأبيض
لكنها بعشرات الدرجات
أصابني الذعر من هول التجربة وأخذتني الرهبة والرعدة في أوصار جسدي
فكلما لامست بفرشاة الفنان اللوحة .. متحديا بياضها ببياض المعجون
آملا أن يتساوي اللونان
وجدت الاختلاف واضحا جليا
فشلت التجربة
تجربة الحرية والمسئولية
*********
حرية دون تكبيل
كلمة دون تبديل
رأي صادق دون تزييف وتغيير
نضج واحترام كافيين
سعادة ومباهاة بالحرية .. احترام كامل للطهارة
وحتي لا نكن في بحثنا عن الكلمة الحرة كمن يبحث عن الطهارة في سوق الدعارة
ندق الأجراس ونطلب الانصاف
----
تلك المقالة كنت كتبتها في غمرة ثلاث أحداث
الحدث الاول .. هو حدث غلق منتدي المنتدي ومنتديات الوسطية والساحات والقمة وصحيفة الوفاق وموقع الخيمة وقائمة طويلة من المواقع عن أهل السعودية
الحدث الثاني .. القبض علي الدكتور محسن العواجي بالسعودية دون اعلان أو سبب واحد تم ذكره تلاه القبض علي الدكتور جاسر القحطاني وخالد الراشد
الحدث الثالث .. هروب الصحفية المصرية المعارضة أميرة الملش من أجهزة أمن الدولة التي بحثت عنها رغم الاعلان عن وعود باستصدار قوانين لحرية الصحفيين

الجمعة، يوليو ٢١، ٢٠٠٦

جيل الضياع

كنت أحادثها ماسنجريا .. وتعجبت أشد العجب حينما أخبرتني بكونها تدرس علم نفس
تعجبت من الدافع الذي قد يدفع فتاة لدراسة مثل ذلك العلم
سألتها ان كانت تدرس لسيجموند فرويد وألفريد أدلر وكيرت ليوين وايفان بافلوف
عن عقد"الدونية" و"أوديب" و"اليكترا" و"الخصاء"و"الماسوشية
توقعت أنها ستندهش بمعرفتي عن دراستها وستسألني أني لي ذلك وأنا أدرس الهندسة الكهربية.. لكنه لم يحدث فزاد اندهاشي أكثر
أغلب ما قابلتهم من فتيات معرفتهم بالعلم ضئيلة وبالسياسة معدومة وبالجغرافيا لا شئ وبالتاريخ صفر وبالأدب لا يتخطوا سلسلة زهور الرومانسية أو سلاسل فلاش وقصص ميكي ماوس المصورة
قد تجذبك أنوثة واحدة أو خفة ظل ثانية أو طفولة ثالثة .. لكن يصعب أن تنجذب لثقافة ونضج رابعة
تلك النماذج التي نشهدها يوميا بالحرم الجامعي وفي كل مكان قد يتقابل فيه الشباب
علما بأن الشباب ليسوا بالأفضل كثيرا
قالوا عن ذلك الجيل "جيل ضائع" وقد أصابوا بشكل كبير في القول
أثناء استضافة هالة سرحان للشباب من أبطال الفيلم السينمائي "أوقات فراغ" أثبتوا كم هو حجم الفراغ رهيب في عقول وألباب الفئة الغالبة من الشباب
بل وكم هي حجم التفاهة الكائنة بيننا
فالاعلامية تسأل احداهن عن الدولة التي يجري بها دجلة والفرات فتجيبها
(السودان)
تندهش هالة فتعلم الفتاة أنها أخطأت فتردف

(لأ لأ الحبشة!!)
شاب أخر من شباب الفيلم تسأله ساخرة عن مكان دارفور ليجيبها بتفاهة
(كارفور عارفه .. اللي في المعادي!!)
أي تفاهة تلك؟
حينما يحاججني زملائي وينفعلوا ويتكالبوا عليّ لقولي أن الوهابيين مسلمين قائلين
(سنة ايه دول شيعة!!)
برأيي من قالوا ذلك أفضل من كثيريين لا يفرقوا بين السنة والشيعة والدروز
اذا أوقفنا شاب ناضج وسألناه عن أسماء فريق فايف أو باك ستريت بويز لأجاب بسرعة البرق ولو سألناه عن مصادر التشريع في الاسلام لتدلي فكه ووقف وقفة حمير
حالنا ليس بمتيسر مثل الغرب والأمريكان لكي لا نهتم بدينا وما يحدث حولنا وفي بلادنا وما هو كائن حول بلادنا
فالأمريكان من أجهل شعوب العالم معرفة بشعوب العالم والسبب هو أن حاجاتهم لا تجعلهم يتخطوا الالمام بجديد الضرائب والبطالة في البلاد
أما نحن فحالنا يختلف كثيرا وكل ما حولنا يدفعنا دفعا للمراقبة والمشاهدة والحذر والتقرب من الله
لكن الأغلب لا يبالي
ما السبب؟
ولم تلك السطحية وذاك الخمول؟
لا أعلم فان علمتم أخبروني رجاءا

الخميس، يوليو ٠٦، ٢٠٠٦

حينما يرقص الجمبري

في حديث توماس فريدمان الي قناة الجزيرة تحدث عن تصريحاته الخاصة بأن الدول العربية متخلفة وأنها علي خريطة العولمة أشبه بمنطقة حواري مظلمة .. وفي حديثه عن أهم مواضع الخلل في العقلية العربية والواقع العربي وهي مصر برأيه .. قال انها لا تستطيع أن تصنع فانوس رمضان وأن الصين هي التي تتولي ذلك .. وحينما لفت مراسل الجزيرة انتباهه الي أن أمريكا نفسها لا تصنع أعلامها وأن الصين هي التي تتولي ذلك جاءت اجابته بأنه "نعم ذلك صحيح لأننا تركنا صناعة الأعلام وشرائح البطاطس وانشغلنا بصناعة شرائح الكمبيوتر"
كانت تلك لافتة أطالعها وزملائي يوميا في باحة قسم الاتصالات بجامعتنا
وقسم الاتصالات لمن لا يعلم هو أرقي أقسام الهندسة اذ يهتم بتكنولوجيا الاتصالات والكمبيوتر والشبكات المعقدة منها قبل البسيطة .. وعلي هذا فأمثالنا هم المهتم الأول بأي حديث عن شرائح الكمبيوتر
مثل تلك اللافتة يصر أساتذتنا الجامعيين علي وضعها في قلب اللوحة الاعلانية أملا في استثارة حمية طلبتهم لبلادهم .. وأعتقد أنه كان لهم المراد فجميعنا يحفظها عن ظهر قلب وجميعنا استثارهم رأي فريدمان خاصة ان كانوا علي علم مسبق وعلي قراءة سابقة لكتابات وتصريحات الأمريكي الصهيوني الأول في أمريكا.. لكن هل يكفي ذلك؟
------
كثيرا ما يقصدني زملاء الدراسة ويبادروني"هل سمعت يا رامي عما جري بفلسطين أو العراق الخ من قضايا اقليمية أوقومية أو دينية"حتي جاء يوم سألني فيه أحدهم سؤال مقتضبا للغاية
"متي نتغير؟"
أجبته باجابة أكثر عجبا واقتضابا"جينما يرقص الجمبري!!"
ابتسمت لأجل علامات العجب البادية علي وجهه وشرحت له مسألة رقص الجمبري
في زيارة لخروشوف الي الولايات المتحدة أراد أحد الصحفيين استفزازه فسأله "متي ينحل الاتحاد السوفيتي ويتخلي عن شيوعيته؟
"أجابهم"حينما يرقص الجمبري علي أنغام موسيقاكم المنحلة"
لذا فقضية رقص الجمبري ليست ضربا من ضروب المستحيل كما بدا الأمر لأول وهلة فقد انهار الاتحاد السوفيتي بالفعل وتقسم عام 1991وتحققت المعجزة
فهل يمكن لنا أن نتغير برقص الجمبري؟
أولي اجابات أسئلتنا أنه نعم
-----
اختارت ادارة الجامعة في القريب احدي زميلات الصف كطالبة مثالية وبعد عودتها من لقاء جمعها بعميد الجامعة ورؤساء الأقسام وأحد كبار رجالات الأعمال أخبرتني أن الأخير سألها :هل يمكن لمصر أن تصنع في يوم من الأيام "موبايل" كامل؟
أقسمت له أنه نعم .. وأمام حيرة الرجل أكملت "نحن فقط بحاجة لمن يغامر بماله ويثق بقدرة أبناء بلده"
بدت وكأنها تنتظر مني التعليق فوافقتها بأن حديثها صحيح مائة بالمائة لكن انعدام الثقة وحده ليس بالسبب الوحيد في تخلفنا
-----
في أثناء مطالعتي لجريدة الأهرام تحديدا بريد القراء قبل عدة شهور وجدت مقال لأحد القراء كتب فيه عن رأيه ببعد أغلب الباحثيين المصريين بخيالهم عن الحاجات والأولويات البحثية المصرية فنحن لا نحتاج لمركبة الفضاء مثلما نحتاج لرغيف الخبزضحكت كثيرا علي رأي الرجل وأنا أعلم أنه لا يعرف الا القليل ومعرفته القليلة جعلته يسئ الظن بباحثي بلاده وعلمائها ويظن أن المشكلة تكمن في نوعية الأبحاث وحدهافالرجل ولا لوم عليه لم يسمع بالتأكيد عن العالم المصري الذي نجع في استزراع المحاصيل الاستراتيجية(القمح والذرة) في الأراضي الملحية وعن حديثه المتفائل عن امكانية استزراع أراضي البحار الملحية باستخدام صوبات بحرية بعد نجاح تجاربه وحديثه عن عدم وجود دعم
أو عن رواد الهندسة الوراثية في مصر والمشهود لهم علي مستوي العالم ونجاحهم في تجارب خاصة باستهجان محاصيل عملاقة أو تحسين انتاجية الألبان من الأبقار الي الأضعاف
كذلك لم يسمع عن عالم الفلك المصري الدكتور أسامة الباز في ناسا وما أشرف عليه من مشاريع فيها
أو عن حقيقة البرنامج النووي المصري وكون مصر من أولي الدول التي بدأت فيه بالمنطقة عام 1955 ولم يؤخرها عنه الا السياسات المتتابعة
عن الدكتور يحي المشد والدكتورعلي مشرفة والدكتورة سميرة موسي وحقيقة اقترابهم وتمكنهم من تصنيع القنبلة النووية وعن دور الموساد مع كل منهم
أوعن "الهيئة العربية للتصنيع" وحقيقة كونها كانت تصنع صواريخ مصرية في زمن عبد الناصر وحقيقة تصنيعها لصناديق البريد في زمن الساداتعن مئات الأبحاث العسكرية حبيسة الأدراج في الوزارات وألاف المشاريع عالية التقنية المجمدة لأجل ذات السياسات الداخلية أيضا
عن قصص مخابرات دول جنوب شرق أسيا مع العلماء العسكريين المصريين
عن كمية الأبحاث المصرية غير المحمية وغير المعمول بها والتي تسني للغرب بذلك سرقتها ونسبها الي أسمائهمعن عمداء مصريين لكبار جامعات كندا وعن أساتذة محاضرين في جامعات أوربا
لماذا لا نتحدث الا عن علماء انتهوا بانتهاء الخلافة الاسلامية من قرون ولا نذكر أيا من هؤلاء الأبطال ولا نعطيهم أو أبحاثهم أي حق؟
-----
كان لي معيد وصديق في ذات الوقت يدرس لي .. ترك الجامعة تفرغا لأبحاثه وعلمت منه فيما بعد عن اقترابه من كشف علمي ممتاز ورغم ذلك أراه حزين وغير متحمسحينما سألته عن السبب أجبني أن تكنولوجيا بحثه ستفيد كثيرا في المجال العسكري وهو علي يقين أن بلده لن تستفيد منه واذا ما تمكن من انهائه فهو لن يذهب الا للغرب بكل تأكيد
وقد حدث ذلك بالفعل مع أقران له عرفتهم وعلمت بهجرتهم فيما بعد الي كندا وأوربا وأمريكا
-----
لي صديق أخر تخرج من جامعتي وسافر الي ألمانيا ودرس علي يد كبار أساتذتها وله أبحاث هناك .. عمل بكبار شركاتها التكنولوجية ثم عاد الي مصر والي التدريس بذات الجامعةأخبرته أنه من الممكن لنا اتمام العديد من المشاريع الخاصة بدراستنا ستوفرعلي بلادنا المليارات لكني تسائلت لماذا دوما نتوقف عند مرحلة التصنيع واذا أردنا طرق أبوابها فلماذا تتم دوما عبر المصانع الغربية
نظر لي نظرة أسف ورد "انها سياسة البلاد والخوف من الهواجس الأمريكية"
-----
تحدثت ذات يوم الي رجل درَس في جامعات كندا وأمريكا قبل أن يقدم للتدريس لنا وسألته ان كان هناك فرق بيننا وبين طلبته الكنديين والأمريكيين ..
فاجئني بأنه لا فرق بل ان كفة الاستيعاب والذكاء عندنا أعلي
لا أخفي عليكم لازلت لا أصدقه
-----
الحق أن مصر تملك الكثير ولا أعتقد أن بلادنا العربية والاسلامية تختلف كثيرا عنها لذا فالتكنولوجيا بعيدة عن اليد لكنها ليست بعيدة عن متناول العقل .. لكن الي متي سنخشي من الغول الأمريكي اذا أحس باقترابنا من تحقيق شئ ما؟
أو استشعر يوما عزمنا علي التخلص من ترتيبنا كدولة نامية الي ترتيب أفضل ؟
ولماذا لا نجد الداعم والواثق بامكانية أبناء بلادنا؟
ألم يحن الوقت بعد ليكرر الجمبري رقصته من أجلنا؟